الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
{خَوْفًا وَطَمَعًا} لا يصح أن يكونا مفعولا لهما لأنهما ليسا بفعل فاعل الفعل المعلل إلا على تقدير حذف المضاف، أى: إرادة خوف وطمع. أو على معنى إخافة وإطماعًا. ويجوز أن يكونا منتصبين على الحال من البرق، كأنه في نفسه خوف وطمع. أو على: ذا خوف وذا طمع. أو من المخاطبين، أى: خائفين وطامعين. ومعنى الخوف والطمع: أنّ وقوع الصواعق يخاف عند لمع البرق، ويطمع في الغيث. قال أبو الطيب:
وقيل: يخاف المطر من له فيه ضرر، كالمسافر، ومن له في جرينه التمر والزبيب، ومن له بيت يكف، ومن البلاد مالا ينتفع أهله بالمطر كأهل مصر، ويطمع فيه من له فيه نفع، ويحيا به السَّحابَ اسم الجنس، والواحدة سحابة. و{الثِّقالَ} جمع ثقيلة، لأنك تقول سحابة ثقيلة، وسحاب ثقال، كما تقول: امرأة كريمة ونساء كرام، وهي الثقال بالماء {وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ} ويسبح سامع الرعد من العباد الراجين للمطر حامدين له. أى يضجون بسبحان اللّه والحمد للّه. وعن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يقول «سبحان من يسبح الرعد بحمده» وعن على رضى اللّه عنه: سبحان من سبحت له. وإذا اشتدّ الرعد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: «اللهمّ لا تقتلنا بغضبك، ولا تهلكنا بعذابك، وعافنا قبل ذلك» وعن ابن عباس أنّ اليهود سألت النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الرعد ما هو؟ فقال: «ملك من الملائكة موكل بالسحاب، معه مخاريق من نار يسوق بها السحاب» وعن الحسن: خلق من خلق اللّه ليس بملك. ومن بدع المتصوّفة. الرعد صعقات الملائكة، والبرق زفرات أفئدتهم، والمطر بكاؤهم {وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ} ويسبح الملائكة من هيبته وإجلاله.ذكر علمه النافذ في كل شيء واستواء الظاهر والخفي عنده، وما دلّ على قدرته الباهرة ووجدانيته ثم قال وَهُمْ يعنى الذين كفروا وكذّبوا رسول اللّه وأنكروا آياته {يُجادِلُونَ فِي اللَّهِ} حيث ينكرون على رسوله ما يصفه به من القدرة على البعث وإعادة الخلائق بقولهم {مَنْ يُحْييِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} ويردّون الواحدانية باتخاذ الشركاء والأنداد، ويجعلونه بعض الأجسام المتوالدة بقولهم «الملائكة بنات اللّه» فهذا جدالهم بالباطل، كقولهم {وَجادَلُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ} وقيل: الواو للحال. أى: فيصيب بها من يشاء في حال جدالهم. وذلك أنّ أربد أخا لبيد ابن ربيعة العامري قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم- حين وفد عليه معه عامر بن الطفيل قاصدين لقتله فرمى اللّه عامرًا بغدّة كغدّة البعير وموت في بيت سلولية، وأرسل على أربد صاعقة فقتلته- أخبرنا عن ربنا أمن نحاس هو أم من حديد؟ الْمِحالِ المماحلة، وهي شدّة المماكرة والمكايدة. ومنه: تمحل لكذا، إذا تكلف استعمال الحيلة واجتهد فيه. ومحل بفلان إذا كاده وسعى به إلى السلطان. ومنه الحديث: «و لا تجعله علينا ماحلا مصدّقا» وقال الأعشى: والمعنى أنه شديد المكر والكيد لأعدائه، يأتيهم بالهلكة من حيث. لا يحتسبون. وقرأ الأعرج بفتح الميم، على أنه مفعل، من حال يحول محالا إذا احتال. ومنه: أحول من ذئب، أى أشدّ حيلة. ويجوز أن يكون المعنى: شديد الفقار، ويكون مثلا في القوة والقدرة كما جاء: فساعد اللّه أشدّ، وموساه أحدّ، لأن الحيوان إذا اشتدّ محاله، كان منعوتًا بشدّة القوّة والاضطلاع بما يعجز عنه غيره. ألا ترى إلى قولهم: فقرته الفواقر؟ وذلك أن الفقار عمود الظهر وقوامه.
|